كان حليفه.. شنقريحة يُقصي قائد الدرك في خضمّ حربه على خصومه

هبة بريس

في خطوة جديدة هزت بنية المؤسسة العسكرية الجزائرية، أُقيل اللواء يحيى علي أولحاج بشكل مفاجئ من منصبه كقائد للدرك الجزائري، بعد أن شغله منذ غشت 2021.

تصفية الحسابات

ولم تُعلن بعد هوية خلفه بشكل رسمي، غير أن التوقعات تشير إلى اللواء سيد أحمد برونمانا، في انتظار تنصيبه من قبل الجنرال السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش ووزير الدفاع بالنيابة.

هذه الإقالة، وإن بدت مباغتة، تنسجم مع سلسلة من التغييرات التي عصفت بقيادة الجيش خلال الأشهر الخمسة الماضية، والتي طالت أربعة مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى.

وتؤكد المؤشرات أن منطق تصفية الحسابات بات هو القاعدة السائدة داخل هرم المؤسسة العسكرية.

وأشارت مصادر جزائرية إلى أن أولحاج، الذي لطالما اعتُبر من الحلفاء المقرّبين لشنقريحة، لم يعد يحظى بنفس الثقة. ومما يزيد من تعقيد الصورة، هو أن اسمه سبق أن ورد في اعترافات قرميط بونويرة، السكرتير الخاص للراحل أحمد قايد صالح، حيث وُصف بأنه الذراع التي اعتمد عليها شنقريحة سابقاً في تسيير شبكات التهريب على مستوى المنطقة العسكرية الثالثة ببشار.

مصير مجهول

رغم ذلك، كان أولحاج من المحظوظين داخل النظام: ترقيات منتظمة، أوسمة رئاسية في مناسبات وطنية، وظهور دائم إلى جانب كبار المسؤولين.

ولكن كل ذلك لم يشفع له، حيث يرجح أن يكون مصيره كمصير العديد من زملائه، الذين خضعوا للتحقيق، ثم الاعتقال، والاحتجاز في مركز عنتر، قبل تحويلهم إلى السجن العسكري بالبليدة، حيث تقبع أسماء ثقيلة من ضباط الجيش والاستخبارات.

الجزائر، التي تُعد من أكثر الدول في العالم من حيث عدد الجنرالات المسجونين، تحتضن أكثر من 50 ضابطاً رفيعاً خلف القضبان، بينهم قادة سابقون للدرك مثل مناد نوبة وعبد الرحمن عرعار، في حين اختار آخرون، مثل غالي بلقاسم، طريق الهروب إلى الخارج.

ومنذ أن تولى شنقريحة قيادة الجيش، بات واضحاً أن مشروعه لا يقتصر على السيطرة، بل يشمل أيضاً “تطهيراً” شاملاً لصفوف الضباط، حتى داخل دائرته الضيقة.

المسار الدموي

وفي شتنبر 2024، وبعد تعيينه وزيراً منتدباً للدفاع، أقال قائد القوات البرية الجنرال عمار عثمانية، الذي راجت شائعات عن طموحه لخلافة شنقريحة. وبعده، في يناير 2025، تمت إحالة الجنرال المخضرم بن علي بن علي إلى التقاعد، لتختفي آخر بقايا “جيل المجاهدين” من صفوف الجيش.

ولم يسلم حتى المقرّبون من هذا المسار الدموي. ففي فبراير 2025، أقيل الجنرال محمود العرابة، قائد الدفاع الجوي، والذي كان يُصنّف كـ “صديق مقرّب” من شنقريحة. ثم لحقه أولحاج، رغم كل ما قيل عن وفائه ودوره خلال العشرية السوداء.

ما يحدث اليوم داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية لا يبدو كإعادة هيكلة بقدر ما هو صراع نفوذ وعصابات، يُزرع فيه الخوف بين الضباط ويُرسم فيه مستقبلهم إمّا في الزنازين أو في المنافي.

تصفية داخلية 

واللافت أن الإعلام الرسمي لا يتورّع عن انتقاد جيوش دول الساحل، بينما الجيش الجزائري يعيش حالة تصفية داخلية قد تنفجر في أي لحظة.

وفي حال اندلاع أزمة خارجية حقيقية، قد ينكشف ضعف هذا الجهاز، الذي يعيش صراعات داخلية، وغابت عنه الرؤية المؤسساتية، ما قد يُفضي إلى انهيار كارثي للجيش الأكثر تسليحاً في المنطقة.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى